الرئيسية > الانتاج العلمي > المقالات > أوجاع تعليمية (1) وجع المعلم (المعلم الجاني والمجني عليه)

أوجاع تعليمية (1) وجع المعلم (المعلم الجاني والمجني عليه)

01-06-2020

ما اكثر ما يصيبنا من أوجاع في هذه الحياة، واصعبها التي تصيبنا بأفكارنا وتجعل منا رأسا فارغا لا يوجد به هدفا أو رسالة واضحة نؤديها، ولدي الكثير من الأوجاع التي اصابتني ومازالت للآسف تسرى بعروقي،  وهي أوجاعي تجاه العملية التعليمية في الوطن العربي، سوف يستغرب الكثير من حولي ان اكتب السطور القادمة وقد تعودوا انني المتفائل دائما الذي لا تفارقه الابتسامة و الذي يكتب في كل ما هو جديد في مجال التقنية والفنون البصرية، ولكني اطمئنكم انني مازلت متفاؤل مبتسم الي ان افارق الحياة باذن الله ولكن اريد ان اعبر عن أوجاعي لعلها تكون بارقة أمل في اصلاح التعليم بالوطن العربي.

 أوجاعي التعليمية لم تكون وليدة اللحظة إنما بدأت معي من خلال عملي في التدريس لطلاب الدراسات العليا والبحث العلمي وكذلك العمل في مجال تقديم الاستشارات لعدد كبير من الجهات التعليمية بالوطن العربي حيث تعايشت بداخل الحقل التعليمي بين المعلمين والمعلمات والمشرفين والطلاب، فبدا الوجع بسيطا ثم تحول الي آلام كبيرة دفعتني لكي اعبر عنها في السطور القادمة، حيث وجدت الكثير من المشكلات التي لها الأثر السلبي الكبير في العملية التعليمية والتي احسست انها أوجاع اصابت الأعمدة الرئيسية بالعملية التعليمية من معلم وطالب ومنهج ، واقدم بين اياديكم أوجاعي التعليمية الثلاثة في شكل سلسلة مقالات والتي اتمنيً وادعو الله بشفاء العملية التعليمية العربية منها لنرتقي بالمخرجات التعليمية بشكل اكثر تطورا وتفاعلا باذن الله تعالي . 

وفي السطور القادمة لن اكون جلادا للمعلم ككثير من الناقدين في زماننا هذا، ولكن سأحاول ان أكون منصفا ليس معه ولا ضده انما ساعرض ما تعايشته مع الكثير من المعلمين من خلال عملي وما احسست به من التعامل مع الكثير من المعلمين من مشكلات وسأعرضها في مسارين وهما " الجاني والمجني عليه ":

المعلم "الجاني": 

الكثير من المعلمين سيتضايقون من هذه التسمية فكيف يكون من يحمل رسالة العلم جاني ولكني اطلب منهم ان يتحلوا بالصبر الي ان ينتهوا من قراءة السطور القادمة لان المعلم أصبح جانيا وهو لا يشعر بذلك وسوف استعرض النقاط التي جعلت منه جانيا تجاه طلابه وتجاه العملية التعليمة ككل وهي:  

- عدم إيمانه برسالته : حيث اصبحت في نظر الكثير من المعلمين انها وظيفة لحصول علي راتب وليست رسالة يؤديها بشكل متفاني ليكون لها الاثر الكبير في اخراج جيل صالح ينفع الامة.


- عدم تطويره لنفسه : حيث ان الكثير من المعلمين لا يضع لنفسه خطة لتطوير نفسه من حيث طريقة التعامل مع التقنيات والاساليب الحديثة في التدريس وغيرها وسيكون رد الكثير من المعلمين ان التطوير يحتاج الي تكاليف مالية وسيكون الرد مني ان شبكات الانترنت بها الكثير من المواقع المجانية التي تقدم الكثير للمعلمين مجانا ولكن يحتاج من كل معلم ان يضع خطته الخاصة لتطوير نفسه ويجتهد أكثر لتحقيقها.

المعلم "مجني عليه" : 

 المعلم مجني عليه كيف هذا؟ نعم مجني عليه حيث يعيش الكثير من القهر والتهميش وهذا سيتضح للقارئ من خلال السطور القادمة التي توضح كيف ان المجتمع جني علي المعلم كثيرا ومازال يجني عليه.

- عدم تعليمه جيدا: حيث يحدث صدمة للكثير من المعلمين الجدد عندما يبدأ حياته المهنية عندما يجد نفسه انه لم يتعلم الكثير اثناء دراسته الجامعية حتي يساعده في اداء وظيفته بشكل جيد مما يكون له الاثر السيئ علي المعلمين في ترك وظيفة التدريس والاتجاه الي اعمال ادارية او وظائف اخري، لذلك نحتاج الي تطوير كليات التربية بحيث يقدم بها ما يلمس واقع المدارس الان من مهارات يحتاجها المعلم.


- النظر لمهنة المعلم انها مهنة في اخر السلم المهني:  حيث نجد ان الكثير من المهن مميزا تميزا واضحا الا مهنة المعلم فهي مهمشة، فاذا لم نتوقف قليلا ونظرنا إلي مهنة المعلم علي انها مهنة عظيمة سيكون له الاثر في مخرج تعليمي ضعيف ينعكس علي باقي المهن الاخرى أيضا وعلي المجتمع ككل.  


- عدم اشراك المعلم في تطوير العملية التعليمية : كعادة الكثير من وزارات التعليم في بلادنا العربية تأتي بالخبراء من شتي بقاع الارض لتطوير العلمية التعليمة ويتناسوا اشراك من بداخل الميدان التعليمي وهو المعلم حيث من المفترض ان يسال المعلم قبل اي تطوير لانه هو من يعايش الواقع التعليمي لذلك سيعطي تطويرا صادقا وليس مجرد تطوير امام كاميرات الاعلام.


- سياحة التدريب : تقدم وزارات التعليم بوطننا العربي الجميل العديد من الدورات التدريبية التي للأسف الكثير منها غير مبني علي احتياجات المعلم انما مجرد سياحة للمعلمين لذهاب لرفاهية او مجرد ان يقال ان الوزارة تقوم بتدريبهم وعند النظر الي ناتج التدريب تجدها انها لا تسْمِنُ وَلا تغْنِي مِنْ جُوعٍ  ولا يوجد أي فائدة منها علي المعلم او العملية التعليمية .

واخيرا اختم وجع المعلم.... بسؤال سُئل لرئيس وزراء اليابان عن سر التطور التكنولوجي باليابان فأجاب: أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي وإجلال الامبراطور !

" اه..اه.. يا له من وجع فطر قلبي.. اذا لم يحترم المجتمع المعلم ...ويحترم المعلم نفسه ...لن نجد تعليما ناجحا" شلتوتيات فلسفية

انتظروني اذا كان في العمر بقية ... مع باقي اوجاعي التعليمية لعل الله يشفيها قريبا د. محمد شلتوت 

تم النشر في : مجلة فكر الثقافية، العدد 17 نوفمبر 2016 – يناير 2017 م .رابط المقال : http://fikrmag.com/article_details.php?article_id=408

تنزيل
  • ذات صلة

    مشاركات وتعاون محطات فى حياتى

    اتصل بنا تواصل معي

    البريد الإليكتروني

    shaltot@icloud.com

    الهاتف

    0000000

    قنوات التواصل الاجتماعى

    جميع الحقوق محفوظة 2020